وصف القرآن للعلاقة الزوجية
بقلم أ- جاسم المطوع
قال لي صاحبي : سمعتك كثيراً تتحدث عن ( الحب ) بين الزوجين و أعتقد
أن كلامك خطأ لأن الله تعالى عندما تحدث عن العلاقة الزوجية في القرآن لم يذكر لفظ
( الحب
) و إنما
ذكر ( المودة و الرحمة ) لقوله تعالى: {
وجعل بينكم مودة و رحمة
} فإني
لا أعتقد أن ( الحب ) ضروري بين الزوجين و إنما الأصل المودة و الرحمة .
قلت له
: إن
كلامك صحيح بعدم وصف الله للعلاقة الزوجية بلفظ ( الحب ) , و لكن هذا لا يعني إلغاء ( الحب الزوجي
) ( فالحب ) خلق مطلوب و مرغوب من الجميع فقد ذكره الله تعالى في القرآن في أكثر من آية
مثل : { والله يحب المطهرين } { و الله يحب المحسنين }
و عندما ذكر موسى
- عليه
السلام - في طفولته ذكر أنه حفظه ( بالحب ) {
و ألقيت عليك محبة مني و
لتصنع على عيني } بل و جعل الله تعالى من أبرز صفات من
يختارهم لنصرة الدين ( الحب ) فقال تعالى: {
يا أيها الذين آمنوا من يرتد
منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم و يحبونه}
فماذا تقول بعد ذلك
؟
قال صاحبي : كنت أظن أن (
الحب )
لم يذكر في القرآن
..
قلت : بل و ذكر بالسنة كـذلك فقـد ورد بالحديث : «
إذا أحب الله تعالى العبد
نادى جبريل : أن الله تعالى ( يحب ) فلاناً فأحبوه ، فيحبــه جبــريل ، فينادي
أهل السماء : إن الله ( يحب ) فلاناً فأحبوه ، فيحبه أهل السماء ، ثم
يوضع له القبول بالأرض »
قال صاحبي :
إذن (
الحب )
موجود بين الله و ملائكته و
عباده ، فلماذا إذا لم توصف العلاقة الزوجية ( بالحب ) بالقرآن ؟
قلت
: إذا
لنتفق أن الله ذكر ( الحب ) في القرآن ,
و كذلك ذكر ( الحب ) في السنة بل أني
سأسمعك حديث صريح عن وصف للعلاقة الزوجية ( بالحب ) و ذلك عندما تحدث النبي [ عن علاقته بخديجة
- رضي
الله عنها – قال : إني رزقت حبها فماذا تفهم من هذا الحديث ؟
قال
متعجباً: و هذا نص واضح .
قلت : أخي الحبيب :
إن السنة مبينة للقرآن و
شارحة له و قد وصف لنا نبينا الكريم بأنه ( يحب ) خديجة - رضي الله عنها -
فهذا من معاني ( المودة و الرحمة
) .
ثم أنه عندما يذكر القرآن الكريم ( المودة و الرحمة )
في وصف العلاقة الزوجية فلا
يعني هذا أنه ألغى ( الحب ) ؟!
و إنما أكدّ
عليه لأن ( الحب ) معناه : ميلان القلب و التعلق بالآخر ، و من صفات المحب خدمة الحبيب و طاعته و
التشاور معه و التضحية من أجله و إيثاره , و كل هذه المعاني تشملها ( المودة و الرحمة
) .
بل إني راجعت ( لسان العرب )
في كلمة ( مودة ) فوجدت أن مصدرها
( ودد
) .
و قال ابن سيده : الود الحبُّ يكون في جمع مداخل الخير و قال
الليث: ودّك و وديدك كما تقول : حبُّك و حبيبك ,
و الودود من أسماء الله تعالى
من الود و المحبة .
فالمعنى أصبح واضحاً جلياً فعندما يصف الله
تعالى العلاقة الزوجية ( بالمودة )
فقد وصفها بمعنى كبير و عظيم
جداً يدخل فيه معنى ( الحب ) الزوجي .
قال صاحبي
: ما كنت
أتوقع هذا في القرآن و السنة و كان في تقديري سابقاً أن (
الحب )
بضاعة غربية يروجون لها
.
قلت : لاشك أن معنى ( الحب ) عندنا يختلف عن المعنى المتداول في الغرب